مأساة المهاجرين في بحر إيجه.. أرواح عالقة بين سياسات الردع وصرخات الاستغاثة
مأساة المهاجرين في بحر إيجه.. أرواح عالقة بين سياسات الردع وصرخات الاستغاثة
تتواصل منذ 25 يوليو المنقضي عمليات الإنقاذ التي ينفذها خفر السواحل التركي في بحر إيجه، بعد أن تم دفع عشرات المهاجرين قسراً إلى المياه الإقليمية التركية من قِبَل خفر السواحل اليوناني.
وأعلنت السلطات التركية أنها أنقذت نحو 79 مهاجراً غير نظامي خلال أسبوع واحد، بينهم نساء وأطفال، كانوا على متن قوارب مطاطية متهالكة وزوارق نجاة على وشك الغرق قبالة سواحل ولايات موغلا وآيدين وباليكسير وجناق قلعة، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الخميس.
وأوضحت وزارة الدفاع التركية في 22 يوليو أن طائرة مسيّرة وثّقت زورقاً تابعاً لخفر السواحل اليوناني وهو يدفع المهاجرين نحو المياه التركية، في مشهد أثار صدمة لدى الرأي العام.
وبينما سارعت فرق الإنقاذ التركية إلى انتشال الضحايا، أكدت منظمات حقوقية أن ما جرى يدخل في إطار "الإعادة القسرية" المحظورة وفق القانون الدولي، والتي تشكّل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
أطفال في قلب المأساة
لم تقتصر عمليات الإنقاذ على البالغين، بل شملت أطفالاً كثيرين، كان بينهم 20 طفلاً تم انتشالهم في 24 يوليو المنقضي.
وتكشف هذه الوقائع الوجه الأكثر مأساوية للأزمة، إذ يجد القاصرون أنفسهم على قوارب متهالكة وسط البحر، عرضة للغرق أو للموت عطشاً وجوعاً، بعيداً عن أي حماية أو رعاية واجبة بموجب اتفاقية حقوق الطفل.
وتواجه اليونان منذ سنوات اتهامات حقوقية متواصلة بممارسة الإعادة القسرية، فقد أكدت تقارير صادرة عن منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"أطباء بلا حدود" أن خفر السواحل اليوناني يعمد إلى تجريد المهاجرين من متعلقاتهم وحتى ملابسهم قبل دفعهم عبر نهر إيفروس أو في مياه بحر إيجه.
وفي يونيو 2023، تعرّضت سمعة اليونان لضربة كبيرة بعد غرق سفينة تقل 750 مهاجراً قبالة سواحلها، حيث لقي معظمهم حتفهم رغم رصد السلطات اليونانية للسفينة لساعات قبل غرقها.
أوروبا بين الردع والإنسانية
تأتي هذه التطورات في سياق تحوّل أوسع داخل أوروبا نحو تشديد سياسات الهجرة، فبينما كانت جزيرة ليسبوس اليونانية عام 2015 رمزاً للتضامن الأوروبي مع اللاجئين السوريين والأفغان، تحولت اليوم إلى مسرح للقيود والملاحقات، حيث يواجه حتى المتطوعون الذين يقدمون المساعدة للمهاجرين خطر الملاحقة القانونية.
وعزز الاتحاد الأوروبي بدوره السياسات الردعية، عبر مقترحات تسمح بترحيل طالبي اللجوء إلى دول لا صلة لهم بها، وهو ما تراه منظمات حقوقية التفافاً على القانون الدولي.
وتؤكد هذه الوقائع أن المهاجرين، وبينهم نساء وأطفال، هم الضحايا الأبرز لصراع السياسات بين تركيا واليونان من جهة، وبين قيم الاتحاد الأوروبي وممارساته من جهة أخرى، ففي حين يفر هؤلاء من الفقر والحروب في الشرق الأوسط وإفريقيا، يجدون أنفسهم في مواجهة سياسات صدّ تضع حياتهم في مهبّ الخطر بدلاً من توفير الحماية التي يكفلها القانون الدولي للاجئين.